Al Arab Al Yawm interview with Ghada Dahdaleh (August 2008)
الحالة المزاجية تقرر الرؤية النهائية للعمل
يمنحك النظر إلى لوحاتها شعورا بالسرور و تحملك أبوابها و نوافذها إلى كل
ما هو اصيل, فيمكن وصف اعمالها بالسهل الممتنع حيث بساطة لوحات الطباعة
الحريرية لا تخفي الدقة و الإتقان.
يغلب على أعمال التشكيلية غادة دحدلة التي انهت دراستها من الكلية المركزية
التقنية للفنون في تورنتو بكندا, الطابع التجريدي فتعتمد اللوحة على أشكال
و رموز مكررة تؤطرها ضربات أربع بالفرشاة مما يضفي التوازن على المنجز
الفني, التقتها ((العرب اليوم)) و كان هذا الحوار:
بدأت معارضك برسم الزهور ثم انتقلت فجأة للتجريد, فكيف تفسرين هذا
الإنتقال؟
- لم تستمر معي مرحلة رسم الزهور لفترة طويلة لاني اتبع الخط التجريدي بشكل
اساسي, و كنت اهدف من خلال رسمي للزهور تصوير الطبيعة إلى جانب الدخول إلى
عالم الزخرفة باعمال اصيلة و ليست منقولة ركزت فيها على ابراز التنوع
اللوني و اظهار الجانب النائي للعمل الفني, حيث وظفت رسوماتي بزخرفة صالات
بعض الفنادق و بعدها تابعت ابداعي في عالم التجريد الذي بدأت مشواري الفني
معه منذ أيام دراستي الجامعية.
تنقلت بين كندا و عمان, فما السمات الفنية التي انطبعت بها اعمالك في هذه
الفترة و ما التأثير الذي تركه الفن الكندي على نتاجك الفني؟
- اقمت في كندا خمس سنوات, لم يتوقف فيها نشاطي الفني فقد شاركت في معارض
جماعية لفنانين عرب إلى جانب عدد من المعارض الشخصية, و كانت هـذه المرحلة
استمرارا للنهج و الأسلوب التجريدي الذي بدأت فيه.
و قد وجدت اعمالي التي احتضنتها تلك المعارض صدى قويا في الساحة الفنية
الكندية لجدة و اهمية الموضوع الذي طرحته في لوحاتي بالنسبة للغرب و هو
أبواب و نوافذ من المخيمات الفلسطينية و المدن العربية القديمة و ترافق مع
أداء فني قوي بشهادة اسماء كثيرة في الساحة التشكيلية الكندية و جمهور الفن
حيث حظي اسلوبي المتمثل باستخدام المربعات في أحاطة اللوحة باعجاب من يشاهد
لوحاتي.
تركزين في لوحاتك على رسم الابواب و الشبابيك و تستبعدين القباب و الاقواس
و للعناصر المعمارية الأخرى فما السبب؟
- لم استبعد القباب من لوحاتي و انما المرحلة الفنية التي ركزت أثناءها على
رسم القباب و الأقواس لم تكن بامتداد فترة الابواب و النوافذ و ربما يعود
ذلك لانسجامي النفسي مع التراكيب المربعة و المستطيلة التي تعطي الانضباط و
التوازن اكثر من الاقواس و القباب. فكانت هذه المرحلة محطة انتقالية قصيرة
في مسيرة تطور اسلوبي الفني الذي بدأ يتسم بالحركة أكثر من السابق حيث اخذ
الاطار المربع الواضح يختفي من لوحاتي.
و اعتبر زيارتي لبعض المدن ذات الاقواس هي المحرك لرسم هذا الطراز
المعماري, فكنت أعمل على التقاط الصور الفوتوغرافية و عرضها على الشاشة لا
تشبع فكريا بالصورة ثم ارسم المشهد الفني من دون ان اكون ناقلة للمشهد
بحذافيره.
تستخدمين في عملك تقنيات لونية و فنية متنوعة فهل لك ان تحدثينا عن هذه
التقنيات؟
- استخدم الان تقنية السيلكسكرين "المونوبرنس'' و هي عبارة عن قطع خشبية
باحجام مختلفة يشد عليها قطعة من الحرير له مسامات و ابدأ بالرسم على الورق
لانه يتميز بنعومة سطحه. الان اتجه للرسم على الKTS و لكني اجد صعوبة بالغة
في ذلك فاحاول البحث عن تقنية جديدة تعطيني نفس تأثير الرسم على الورق, و
تقوم هذه التقنية التي ما زلت اطورها بعد, على وضع السكرين مباشرة على
الورق و استخدام أداة مصنوعة من الخشب و الكاوتشوك للطباعة بعيدا عن ترك
تاثير الفرشاة و يكون العمل مسطحا و بمستوى واحد.
و بعد ذلك اضع العمل جانبا لفترة من الزمن حتى تجف الأحبار المائية, ثم
أبدأ العمل على اللوحة باستخدام الباستيل أو الرصاص أو الفحم و ذلك بعد
التعديل عليها أكثر و تحريك زواياها أكثر من مرة إلى ان أقرر التكوين
النهائي لها, و بعد الطباعة اضع المثبت على دهان كي لا تتلطخ اللوحة؟
و لعل أكثر ما يستغرق وقتي و جهدي بشكل كبير هو انجاز العمل الواحد على شكل
كبير, فاذا لم يكن العمل منجز بهذا الاسلوب سيبدو ضعيفا و مسطحا, و كي احصل
على الثقل أو الشفافية التي أريدها من الدهان اتحكم في كمية الماء. و
بالتالي احصل على التوازن المطلوب من خلال بناء العمل و الأطر المتحركة.
هل تؤثر المدة الزمنية التي تستغرقينها في انجاز العمل على رؤيتك له؟
- بالطبع, ان الرؤية التي تتملكني في بداية العمل تقارب في الغالب المنجز
النهائي, و لكن قد تختلف الرؤية في النهاية بحسب الحالة المزاجية التي
تسيطر على عند الإقتراب من النهاية حيث يصبح تقرير الرؤية النهائية مسؤولية
العمل نفسه.
فكثيرا ما يطلب مني تغيير اسلوبي و لكن هذا الامر لا يحدث بسهولة و أنا في
بحث دائم للوصول إلى الجديد في الاساليب و التقنيات و اثابر لتحقيق هذه
الغاية في مرسمي الخاص. و لعل اولى خطواتي في هذا المجال هو رسم البسط و
السجاد, لكنني لم ازل في بداية هذا الطريق حيث انني لم المس نفس القبول لدى
الجمهور عن هذه الاعمال كما كان في اعمالي السابقة, و قد أعزو السبب في ذلك
إلى غياب الهدوء البصري الناتج عن الإستغناء عن الإطارات المربعة, و اعتبر
هذه النقلة في العمل ما زالت تحتاج إلى كثير من النضج الفني و التطوير كي
اتخلص من ضبابية هذا الإتجاه.